كيف تخشع في صلاتك

هناك وسيلتان لتحقيق الخشوع في الصلاة

الأولى : إخراج الدنيا من القلب والإقلال من الشهوات والمعاصي

وابن عطاء الله يقول : كيف يشرق قلب وصورة الدنيا منطبعة فيه

أم كيف يرحل إلى الله وهو منكب على شهواته ؟

أم كيف يدخل على الله ولم يتطهر من نجسات غفلاته ‍ !

جاء رجل إلى الإمام أحمد فقال له :

ياإمام أعد طهوري ، وأنام مبكراً ، أريد قيام الليل وصلاة الفجر

فلا أستيقظ ، فقال له الإمام أحمد : ذنوبك قيدتك

ثم قال له : لاتعص الله بالنهار ... فحينئذٍ تقوم الليل وتصلي الفجر ‍!

فكم من أكلة ثقيلة منعت قيام الليل ،

وكم من نظرة إلى حرام منعت من صيام يوم ‍!

ومثل تشعب الدنيا في القلب وانشغال الإنسان بها

كمثل طالب يذاكر دروسه في غرفته

وبجواره شباك تحته شجرة عليها عصافير .....وكلما أراد أن يركز في المذاكرة

وجد العصافير فيعود لمذاكرته ولكن ماتلبث العصافير أن تعود مرة أخرى

فجاء والده فقال : يابني لاتستريح من إزعاج العصافيرإلا بقطع الشجر

فاقطع ياأخي شجرة الشهوات من قلبك تخشع في صلاتك ‍!

أما الوسيلة الثانية : فهي أن تفهم حركات الصلاة الظاهرة ...

بأن تكون لكل حركة في الصلاة أو قبلها أثر في قلبك

من أسباب الخشوع في الصلاة

أولاً : توضأ وأحسن الوضوء لكي يكون تطهيراً للبدن والروح معاً .....

يقول النبي صلى الله عليه وسلم

" إذا توضأ العبد فتمضمض خرجت الخطايا من فيه

(هل استحضرت هذا المعنى عندما تتمضمض :

بأن تخرج الغيبة والنميمة أو الكذب ... مع الوضوء ) ؟

فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه

فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه

فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه

حتى تخرج من تحت أذنيه ( كل الذي سمعته من حرام )

فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من قدميه حتى تخرج من تحت أظافر قدميه "رواه الإمام أحمد

فتذكر هذا الحديث عند بدء الوضوء هو أول مدخل للخشوع

ثانياً : ستر العورة .... ولنحرص إخوتي الكرام على ستر عورات الظاهروالباطن
أيضاً وذلك بالتوبة النصوح وإخلاص النية لله تعالى

ثالثاً : التكبير .... ويجب استحضار معنى اسم الله ( الكبير ) وأنه لاأكبر من

الله تعالى تبارك وتعالى ..... ولاتكن كذاباً بأن يقولها لسانك ولكن في قلبك

من هو أكبر من الله ، أو ماهو أكبر من الله من متاع الدنيا الفانية أومتعاع الزائلة ‍!

وقد جُعل التكبير هو ذكر الانتقال بين حركات الصلاة لاستحضار هذا المعنى

فلا يسهو العبد ولايفكر في الدنيا بل يخشع لله الأكبر سبحانه

رابعاً : رفع اليدين ورمي الدنيا خلف الظهر ....

فعندما تخلع نعليك عليك أن تخلع معها الدنيا وشهواتها ومشاغلها ..... ،

والوقوف ركن من أركان الصلاة :

ولهذا لايجوز للقادر على الوقوف أن يصلي جالساً وإلا بطلت الصلاة لأن الله تعالى يقول

( وقوموا لله قانتين ) ولايحب رفع العينين ،

بل النظر يكون موضع السجود والرأس مطأطأ لله

للواحد القهار ولاحظ أن وقفة يوم القيامة هي وقفة الصلاة

يقول الله تعالى"يوم يقوم الناس لرب العالمين" المطففين 6 ثم تضع يدك اليمنى على اليسرى ....

وهذا من دواعي الخشوع والأدب مع الله تبارك وتعالى واعلم أن الله ينظر إلى صلاتك ..

وتخيل أنك في عمل من أعمال الدنيا وصاحب العمل ينظر إليك

إو أنك بين يدي ملك يطلب منك عملاً ثم وقف ليراقبك ........ فكيف ستؤدي هذا العمل ؟؟؟

بعد ذلك إقرأ الفاتحة بخشوع وتدبر واستمع إلى الحديث القدسي الجليل الذي

يقول فيه رب العزة جل وعلا " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين

فإذا قال العبد " الحمد لله رب العالمين" قال الله" حـمـدني عـبـدي "

فإذا قال العبد : " الرحمن الرحيم "

قال الله " أثنى علي عبدي " فإذا قال العبد " مالك يوم الدين "

قال الله"مجدني عبدي" فإذا قال " إياك نعبد وإياك نستعين "

قال الله" هذا بيني وبين عبدي " فإذا قال العبد

" إهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم * غير المغضوب عليهم ولا الضالين "

قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ماسأل

ولذا يجب علينا أن نستحضر هذه المعاني عندما نقرأ الفاتحة

فتخيل ياأخي الله يجيبك ويرد عليك ويقضي حاجتك ....

والله لولا الشهوات والمعاصي

لطارت قلوبنا من شدة الفرحة بكلام الله تعالى لنا

وانتبه .......؟

عندما تقرأ الآيات اقرأها بتدبر وحضور قلب وعقل

فإذا قلت الحمد لله رب العالمين

فاستشعر نعم الله عليك وهي التي لاتعد ولاتحصى وتذكر أنك تناجي ربك الذي خلقك ورزقك وو..

وإذا قلت الرحمن الرحيم فاستشعر سعة رحمة الله بعباده في الدنيا والآخرة

وإذا قلت مالك يوم الدين" فاستحضر في ذهنك يوم الحساب يوم توفى كل

نفس ماكســـبت وهـم لايـظــلــمــون

وهــكــذا فــي ســائــر الآيـــات
واعلم أنك عندما تقرأ الفاتحة أنك واحد من ثلاثة

1 ـ رجل يحرك لسانه وقلبه غافل ، وتلك منزلة الظالم لنفسه

2 ـ رجل يحرك لسانه وقلبه حاضر وتلك منزلة المقتصد

3 ـ رجل يحس قلبه أولاً بالمعاني ثم يترجم اللسان هذه المعاني

وهذه منزلة السابق بالخيرات بإذن الله جل وعلا.....

ويتتحقق ذلك بعدة أمور

أولاً :حفظ القرأن كله أو أقصى قدر ممكن منه

ثانياً :فهم ماتحفظه ،

ثالثاً:تصفية القلب من المعاصي والتوبة النصوح لله

وعندما تركع وتقول سبحان ربي العظيم

" تذكر معناها وهو تنزيه الله عن كل نقص ووصفه سبحانه بكل كمال

وعندما تسجد ...

فتذكر أن التراب يسجد على التراب وليس في هذا غرابة فالفرع إنما يرد إلى الأصل ،

واعلم أخي أن العبد أقرب مايكون لربه وهوساجد

فاحذر أن تكون قريباً ببدنك فقط قلبك بعيد .... هناك في الدنيا

وفي كل ركعة إشعر بالشعور ذاته وتفكر كما في الركعة السابقة

فإذا كان التشهد

فتفكر بمعاني هذه الكلمات التي تقولها فإنك عندما تقول (التحيات لله)

استشعر عظمة الله وأنت الضعيف الفقير تحيي ربك القوي الغني فهل يصح أن تحييه بلسانك

وقلبك عنه منصرف ؟ ثم قل " والصلوات والطيبات "فهذا كله لك يارب فكل طيب لك

ومنك وصلاتي هذه لك ودعواتي وكل أعمالي كذالك ثم سلم على على خير البشر صلى الله عليه وسلم

"السلام عليك أيها النبي "وتذكر أنه يرد عليك السلام

هل حييت ربك وسلمت على نبيك ؟

حينئذ ترتفع قيمتك ويعلو قدرك ويصير حرياً بك أن تسلم على نفسك وعلى إخوانك

من عباد الله الصالحين

" السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين "

ثم ارفع إصبعك وقل

(أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله )

وأسألك : هل رأيت أدلة وحدانية الله ؟

هل ينفع أن تذهب إلى المحكمة

فتشهد وأنت لم تر ؟فكيف تشهد أن لاإله إلا الله وأنت لم تر ؟؟

والإجابةأنك تر آيات وحدانيته سبحانه فأنت متأكد كأنك رأيت بل وربما أقوى وأنت

تذكر قول القائل : وفي كل شئ له ءاية .. تدل أنه الواحد ‍‍‍‍!!

ثم ترفع أصبعك لأن الشهادة تحتاج إلى اثنين وأنت تشهد بلسانك وقلبك معا

ًثم تذكر نبيك المصطفى صلى الله عليه وسلم فتصلي عليه

وعلىأبي الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا السلام واستحضر حينئذ انتماءك لسيدنا

إبراهيم عليه السلام وأنه هو سمانا المسلمين فسيدنا محمد

صلى الله عليه وسلم امتداد لسينا إبراهيم عليه السلام فأنت جذورك عميقة فإذا فرغت من التشهد ادع بما ورد في الأحاديث الصحيحة من

أدعية جامعة مباركة واستعذ بالله من اربع كما أمرالنبي صلى الله عليه وسلم

" من عذاب جهنم وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال"
رواه مسلم

فإذا فرغت سلم عن يمينك وتذكر ملك اليمين الذي يكتب الحسنات

ثم سلم عن شمالك وتذكر ملك السيئات وكيف أن أعمالك مسجلة عند الله تعالى

إخوتي الكرام

إذا صليتم فصلوا صلاة مودع للدنيا مفارق لها خائف لما ينتظره من حساب

بين يدي الله رب العالمين غير مطمئن إلى قبول صلاتك

ثم اسئل الله تعالى أن يوفقك إلى طاعته كما يحب ويرضى فهو

وحده الموفق لما فيه الخير والصلاح والهدى والرشاد فقل

(( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ))
رواه الإمام أحمد

ولم يقل وعبادتك فحسب بل قال وحسن عبادتك حتى تستمتع بالصلاة ومناجاة الله تبارك وتعالى

ثم سبح الله تعالى وادع الله بما شئت ثم انصرف بهدوء

وسكينة ولكن ابق على انتظار وشوق للصلاة التالية إذ أنه من

السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله "

ورجل قلبه معلق بالمساجد

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلـــــــــــــــم